إن طريقتك في تفسير الأحداث السيئة التي تقع في حياتك أي أسلوبك التفسيري ليس مجرد كلمات تتفوه بها عندما يصيبك الفشل بل هي أكثر من ذلك فهي طريقة فكرية اعتدت عليها وقد اكتسبت هذه الطريقة منذ طفولتك وأثناء سنوات المراهقة لذا فإن أسلوبك في التفسير ينشأ مباشرة من وجهة نظرك للمكان الذي تعيش فيه في هذا العالم سواء كنت ترى نفسك ذا قيمة أو أنك لاشيء فأسلوبك التفسيري للموقف هو العامل الذي سيوضح لك إذا ماكنت متفائلاً أم متشائماً وهناك ثلاثة أبعاد رئيسة هي التي ستحدد أسلوبك في تفسير المواقف العصيبة التي تحدث لك وهي " الاستمرارية والسبب لهذا الحدث ثم انتشار هذا السبب في جميع المواقف الشخصية بمعنى ( الاستمرارية أو الديمومة للحدث السيء – الانتشارية كقولك الكتب لاتفيد –بعد الشخصية كقولك إنني غبي ) فإذا كنت ترى أن الأحداث العصيبة تستمر ولن تزول إلى الأبد فإن أسلوبك التفسيري للأحداث سيكون متشائماً دائماً أما إذا كنت ترى أن مايحدث لك من مواقف عصيبة سيزول ولن يستمر فإن أسلوبك التفسيري سيكون متفائلاً ।
فإن مناجاتنا لأنفسنا وقت الأزمات تعيد لا أساس لها من الصحة تماما كمهاترات ذلك الرجل السكير في قارعة الطريق حين يصرخ فيك صائحاً فيك" أنت دائم الفشل " لأن تأملاتنا هذه لاتركز عادة على الواقع وإنما هي عادات سيئة تظهر من غبار الماضي حيث الصراعات القديمة والانتقادات الأبوية وانتقادات المعلم غير المسئولة وحيث غيرة الحبيب أيضاً ولكن بما أن تلك التأملات نابعة عنا نحن وهل يوجد مصدر أعلى منا مصداقية ؟ فإننا نتعامل معها وكأنها حكر علينا ونتركها تسرق أعمارنا دون حتى أن نأمرها بالتقهقر .
تعتمد غالبية مهارات التعامل مع الأزمات والتصدي لها على التدريب على كيفية معارضة أفكارك الخاصة لدى رد فعلك تجاه أزمة ما .
فإذا كنت راغباً في تعلم كيفية معارضة أفكارك ومعتقداتك التلقائية يتعين عليك أولاً أن تتعود على الاستماع إلى مناجاتك الداخلية وإليك الآن لعبة تعلمك كيفية ذلك .
تدور هذه اللعبة حول أزمتك الخاصة بك في مجال عملك تلك الجزئية التي تدفعك إلى اليأس والاستسلام وتتضح هذه الجزئية جليا في مجال تسويق التأمينات مثلا ألا وهي إجراء المكالمات الهاتفية الفاترة لتحديد مقابلات شخصية مع أشخاص لاتعرفهم حيث يتعين عليك مواصلة إجراء مثل تلك المكالمات فعادة مايخفق هؤلاء المندوبون ممن تثبط همتهم بسهولة ويفشلون في إقناع العملاء ورفضهم العرض أما من يتمكن من إجراء عشرين مكالمة هاتفية يومياً فيحقق النجاح .
حيث إنهم يقومون بإجراء عشر مكالمات في اليوم الأول كمهمة منزلية ثم يقومون بتدوين الأزمات والمعتقدات والعواقب الخاصة بهم بعد كل مكالمة وهكذا رأوا أنفسهم يعلقون
الآزمة : على وشك إجراء مكالمة هاتفية فاترة
المعتقد : إنني أمقت ذلك يجب ألا أجري مثل هذه المكالمات
العاقبة : شعرت بالغضب والتوتر وقضيت وقتاً عصيباً حتى رفعت سماعة الهاتف
فكما يتضح لك أنه حينما تلي الأزمة اصطلاحات شخصية دائمة وشائعة كقولك " أنا ولاشك فاشل " ينتج عنه شعور بالهم وعدم مواصلة العمل ولكن عندما يتلوها إصلاحات أخرى مضادة لها كقولك " هذا الشخص لم يكن بعيداً سوف أفوز به كزبون " تصير النتائج شعوراً بالنشاط والابتهاج .
والآن يأتي دورك في القيام بلعبة تخطي الآزمات فحينما تواجه أية أزمة في عملك استمع إلى مناجاتك الداخلية وشاهد كيف تحدد أفكارك وماتشعر به وماتقوم بعمله بعد ذلك .
قم باختيار نفس المثال السابق الذي استعنت به في الجوالة الأولى في مجال تسويق التأمينات وفي مكان هادئ أخرج قائمة المكالمات الفاترة مثلا أو تخيل نفسك في مواجهة أزمتك في العمل وبعد مواجهاتك الخمس للأزمات أرصد أفكارك السلبية وقم بتفنيدها وفور انتهائك من كل مواجهة قم بتدوين الأزمات والمعتقدات والعواقب مضيفاً إليها تفنيدك لأفكارك والمشاعر التي أحيت عزيمتك نتيجة لذلك
الآزمة : كان الأولى به أن يتركني أنهي كلامي بما أنه قد استمع إلى مدة طويلة لابد وأنني أخطأت حين اهتممت بهذا الأمر بعد فوات الأوان .
العواقب : كما هو متوقع شعرت بالغضب وبخيبة الأمل حقيقة في نفسي وشعرت برغبة في الاستسلام .
التفنيد : لعله كان منهمكاً في عمل شيء ما ويجد صعوبة في استئنافه المكالمة لكني قد ابليت بلاء حسنا .
التزكية : كنت على استعداد لإجراء المكالمة التالية وشعرت بسعادة من تقدمي للعرض وواثقاً من أن عملي سيؤتي ثماره على المدى البعيد .
لذا فأنت تحتاج إلى تفنيد أفكارك التشاؤمية التلقائية إن تسلحك بوسائل تفنيد الأفكار التشاؤمية الأربع ( الدليل – البدائل – المضامين – الفائدة ) يمكنك من التمرس على إطلاق العنان للتفنيد حيثإنها تخرج أفكارك للضوء حتى يمكنك التعامل معها فالتفائل المكتسب لايعمل من خلال تفكير إيجابي غير مبرر إزاء العالم ولكن من خلال قوة التفكير غير السلبي .
فأكثر الطرق إقناعاً لمجادلة اعتقاد سلبي هي أن تبين عدم صحة الاعتقاد من الناحية الواقعية وفي أغلب الأحيان ستجد أن الحقائق كلها في صفك لأن ردود الفعل التشاؤمية إزاء الهزيمة عادة ماتكون ردود فعل مبالغاً فيها وعليك أن تتقمص دور " المخبر الخاص " وتسأل نفسك " ماهو الدليل الذي يسند هذا الاعتقاد ثم تقوم بتفنيده وتزكيته لتبعث التفائل في نفسك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق