" فلا أقسم بالنفس اللوامة "
إن شبح اللوم يبدو جلياً في حياتنا اليومية وربما بشكل يفوق مستوى إدراكنا وتخيلنا فهو كالهواء في مدى انتشاره واتساع نطاقه دعنا ننظر إلى العالم من حولنا كي نحرر أنفسنا من كل صور وأشكال اللوم غير الضرورية التي تسيء إلى علاقاتنا مع الآخرين وتقلل من ثقتنا وتستهلك أوقاتنا .
ويلجأ الكثير من الأفراد إلى اللوم من أجل تزييف الحقائق ويظهر ذلك من خلال أساليب المبالغة والتعميم في إطلاق الأحكام والآراء الضمنية ورؤية الحياة من منظور واحد إما أبيض أو أسود .
ومن أفضل الطرق التي يمكن اتباعها لتجنب الوقوع في اللوم هو أن نبقي اللوم في الحيز الوصفي وسوف يساعدنا ذلك على تفسير الأحداث والتعليق عليها بمنتهى الموضوعية وبعد ذلك ندعم مسؤوليتنا تجاه أنفسنا أو تجاه الآخرين وفي هذا الحيز الوصفي تكون الأفعال التي تستحق اللوم معروفة بصفة عامة وتقاس الجزاءات بشكل مرن تجاه الشخص والمواقف على السواء .
فالتعريفات لايجب أن تعكس الحقيقة ! فالناس ليست كسائل الحبر الثابت الذي يصعب إزالته فتعريفك لنفسك على أنك " سيء " لايعني أنها الحقيقة فالشعور الذاتي ماهو إلا تعاسة مزيفة وهكذا فإن العديد من الأشياء التي نشعر حيالها بالإحراج أو الخجل المفرط تقع في نفس الفئة فعندما تقوم بإعداد نفسك من خلال التدريب على التعامل مع المواقف المفاجئة فأنت هنا أقل احتمالاً للاستجابة بشكل شعوري ذاتي على سبيل المثال يمكنك أن ترتدي قفازاً مختلف الألوان ليوم واحد وضع ضمادة على أنفك والفكرة هنا تكمن في إظهار نفسك دون أن تشعر بالحرج نعم سوف تشعر قليلاً بعدم الراحة في البداية ولكن إصرارك على تحمل هذا الشعور بعدم الراحة يحصن نفسك تجاه المخاوف المزعجة التي تعترض حياتك وإذا نمت داخلك قوة احتمال تجاه الشعور بالإزعاج أو القلق فمن المحتمل أن تتمكن من تطوير ثقتك بنفسك على المستوى الاجتماعي .
إن كثيراً من الأفراد ينتابهم شعور بالقلق والضيق في الظروف الاجتماعية والنقطة الأساسية هنا أن بعض الأشياء غير مريحة لأن نقوم بها لكن عندما يمكنك أن تجرب الإزعاج بدون خوف أو هروب ربما تسأل نفسك في تعجب " أين ذهب القلق والخجل .
إن مشاعر الخجل عديم القيمة والذنب واللوم والشعور بالأسى تقلل من الاندهاش تلك الحالات الشعورية الذاتية هي العدو ويعد الإحساس المفرط بالخجل والإحراج والإهانة والذنب واللوم هي العوامل الأساسية لهذا " العدو " وأولئك الذين يعرفون ويستطيعون فصل وإبعاد العوامل المرتبطة بالشعور الذاتي المسبب للألم يكون لديهم مزايا تمكنهم من إلحاق الهزيمة بالعدو .
إننا مالم نعمل على وضع الأفكار التجريدية المبهمة على أرض الحقيقة الصلبة سنجعل أنفسنا عرضة للرسائل الغامضة والتي تجعلنا نقع في شرك الاضطراب الشعوري الذي يؤكد من خلال الصراعات التي يصعب حلها إننا حينما نركز انتباهنا على فصل الحقيقة عن الخيال نخطو بقوة بعيداً عن اللوم العام الذي يعد بعد كل ماسبق ليس أكثر من عائق في طريق التقدم والنمو الشخصي .
إن اتساع نطاق اللوم ليشمل الفرد والمجتمع والأحداث يعمل على تحريف الحقيقة .
إن اللوم الذاتي يظهر بشكل ملائم عندما ترتكب خطأ ما وعلى أساس هذا المفهوم فهو يعد أحد أشكال التحكم الداخلي وبعضنا يذهب بعيداً جداً عندما يقومون بلوم أنفسهم في المواقف التي تكون فيها قدرتنا محدودة أو لانملك التحكم في أنفسنا والسؤال الآن مالذي يعنيه أن تعيش في حدود إمكاناتك ؟ أقصى شيء يمكن أن نراه هو أن بعض الناس بكل حماقه يلومون أنفسهم لكنهم غير ماهرين بما فيه الكفاية وكذلك غير ناجحين وغير أثرياء أو ليسوا أذكياء بشكل كاف .
وعندما تعمم اللوم على ذاتك فأنت توقع نفسك في نسيج متشابك ولاتملك طريقة عقلانية للهروب سوى أن تتوقف عن تخصيص وتعميم اللوم على نفسك .
والنقطة الإيجابية في هذا الصدد هي أن الأفراد الذين يخصون أنفسهم باللوم لديهم قدرة فعالة لإحداث تغييرات إيجابية أكثر من أولئك الذين يرون أنفسهم بلا عيوب بينما يلومون الظروف الخارجية على مشاكلهم " فلا تلوموني ولوموا أنفسكم "
إن مفهوم سلة التفاح يمكن أن يساعد في وضع اللوم الذاتي داخل شكل منظوري محدد لايوجد فرد على وجه الأرض بدون نقائص وعيوب والسلبيات التي نجدها في الحياة مثل الخطأ في إصدار الأحكام والتجاهل والأنانية تمتزج مع الإيجابيات مثل الإيثار والاجتهاد ونفاذ البصيرة والمثابرة والأخلاق الحميدة إن هذا جزء من الحالة الإنسانية ومن خلال هذه الخلفية التي تدور في ثنايا العقل نجد أن مصطلح سلة التفاح يمكن أن يساعدنا في وضع اتجاهات " اللوم الذاتي " داخل شكل منظوري افترض أن لديك سلة مليئة بالتفاح بعضه كان فاسداً هل ستتخلص من كل التفاح بسبب الكمية القليلة الفاسدة .
نستنتج مما سبق بأن مفهوم سلة التفاح ينطبق على " الذات " بنفس الطريقة بمعنى أن لوم " ذاتك " على العيوب والأخطاء يولد لديك نفس الإحساس بالتخلص من سلة التفاح بسبب الكمية القليلة الفاسدة ، من خلال حالة التنمية الذاتية تلك يكون من البديهي أن " تفاحة " واحدة فاسدة تفسد كل التفاح تفكير خاطئ .
فإذا شعرت بالعجز في إحداث تغيير ما ولازلت تحتاج أن تفعل شيئاً ما لتفسير حالتك فإن اللوم الخارجي يقوم عن طريق الخطأ بإعفائك من المسئولية لأنك الآن تستطيع أن توضح أن القوى الخارجية هي التي جعلت الأحداث تسير في حياتك بشكل خاطئ على الرغم من ذلك نجد أن اللوم الخارجي له كثير من العيوب أبرزها أنه يمكن أن يجعل الفرد يمتلكه إحساس بالعجز وقلة الحيلة .
يقول شكسبير متأملاً " إن العالم ماهو إلا مرآة تعكس تعبيرات الوجه لكل إنسان فعندما تنظر إليها بعبس فإنها ترد هذا العبوس إليك وعندما تضحك لها ومعها فإنها تبدو كرفيق سعيد وهكذا تدع للصغار فرصة لاختيار قراراتهم " إن اللوم الذاتي واللوم الخارجي ولوم الضحية كلها أفعال تتخذ شكل الوجه الحزين تغير الوجه يتضمن الآراء الواقعية وتجاوز نطاق الأوهام والتركيز على كل ماهو مهم بالنسبة لك للتحرر من نطاق اللوم الذاتي بأشكاله المختلفة وأوهام السيطرة الخارجية وأسلوب التفكير في الضحية إن التفكير في تلك الأمور بجدية من أجل تحسين مستوى حياتك سيكون له تأثيره الفعال .
ومن الأمور التي تساعدك في الحفاظ على المنظور أن الحياة تسير حولك مهما تفكر ومهما يحدث لك وحتى لو حدث لك أشياء عدائية فهناك جوانب من حياتك تسير بشكل جيد وفي أصعب الظروف يمكن أن تجد سبلاً للمساهمة في تحسين حياتك وحياة الآخرين .
إن مراقبة عمليات الفكر لدينا لمعرفة كيف أن أفكار اللوم الملتهبة يمكن أن تؤثر على عواطفنا تفسح الطريق لكي نفكر بوضوح في معتقداتنا وتوضح أيضاً أن التفكير هو الذي جعلها هكذا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق