الأحد، 6 يونيو 2010

قوة التفكير



إن كل شيء في الحياة يتكون من استراتيجيات تتكون من أفكار محددة ومتتالية تؤدي إلى نتيجة يستخدمها الإنسان في حياته فلو أن فكرتك سلبية عن عملك أو زوجتك فسيلغي العقل كل شيء آخر عن هذا الشخص أو هذه المهنة لكي يستطيع الذهن التركيز على هذه المعلومة فقط فيؤدي إلى " التعميم – الحذف – التشويه " ثم يدعمها ويقويها من كل الملفات المشابهة الموجودة في مخازن الذاكرة .
والعقل والجسد يؤثر كل منهما على الآخر فما تفكر فيه وتقوله لنفسك يأخذه المخ ويفتح الملف الخاص به بما في ذلك تحركات الجسم وتعبيرات الوجه الخاصة بهذا الملف فيشعر الإنسان بجسده يتأثر بسبب الفكرة .

تذكر دائماً أن الفكرة لها برمجة راسخة وتصنع ملفات العقل وتؤثر على الذهن وعلى الجسد وأيضاًُ على الأحاسيس والسلوك وتسبب لك نتائج من نفس نوعها ، والفكرة تؤثر على صورتك الذاتية وعلى تقديرك الذاتي وثقتك في نفسك والفكرة تؤثر على حالتك النفسية والصحية والفكر يتخطى الزمن والمسافات والوقت ويرفع أو يخفض من طاقاتك وهذا ليس كل شيء فالفكرة تولد العادات من نفس نوعها وتجعل قوانين العقل الباطن تعمل معك أو ضدك وأخيراً الفكرة تجعل التسلسل الذهني إيجابياً أو تجعله سلبياً .
بحيث أن الفكر يسبب الواقع من نفس نوعه وفي وقت حدوثه وأن هذا الواقع يتسع وينتشر وأن الإنسان يندمج وينسجم مع واقعه وأخيراً أن الإنسان سيجد التدعيم لهذا الواقع من العقل سواء كان ذلك سلبياً أو إيجابياً ثم تأخذك الفكرة في التسلسل الذهني إلى المبدأ التالي وهو أن العقل البشري يبني على آخر واقع .
فمثلاً لو فكرت أنك ناجح في عملك يبرهن لك العقل على ذلك ويدعمك ويبني على هذا الواقع ولو حدث أنك فشلت في عملك بسبب ما ستجد أن العقل البشري يبني لك على آخر واقع فقط فمن الممكن أن تجد نفسك لاتطيق العمل الذي كنت في وقت ما تحبه جدا.
فقانون نشاطات العقل الباطن ينتشر ويتسع الواقع من نفس نوعه فطالما أن الواقع في هذا الوقت هو الشك في صديق لك ستجد أنك ستكون حساساً جداً في التعامل معه وأيضاً مع كل إنسان آخر لذلك إذا أردت أن تغير واقعاً تعتبره سلبياً ويؤثر عليك سلبياً يجب عليك أولاً أن تغير الفكرة التي سببت هذا الواقع .
فأي شيء تفكر فيه سواء كان سلبياً أو إيجابياً سيصبح واقعاً بالنسبة لك في هذا الوقت ولن يتغير هذا الواقع إلا إذا غيرت الفكرة الأساسية ولو فكرت في معنى الواقع ستجد أنه إدراك لمعنى معين مدعم باعتقاد شخصي يستخدمه الشخص في مواجهة الأشياء والأشخاص فمثلاً إدراكك لشيء معين لايعني أنه إدراك لكل الناس فمن الممكن أن يكون هناك إدراك آخر لمعنى الأشياء بالنسبة للأشخاص الآخرين وهذه الاختلافات في الإدراك يجعل الشخص يعتقد أن واقعه مقبول من الجميع ولذلك توجد تحديات في الاتصال مع الآخرين .
فقوة الفكرة تسبب التسلسل الذهني بمعنى أن الفكرة تسبب لك إدراكاً لمعنى معين وهذا الإدراك يأخذك إلى مايليه من فكرة أخرى وإدراك آخر وهكذا تأخذك الفكرة من إدراك لآخر حتى تصل بك إلى أقصى قوة من الأحاسيس التي يترتب عليها السلوك وتسبب لك نتائج حياتك في كل ركن من أركان الحياة .
والصحبة السلبية والتركيز على السلبيات والمؤثرات الخارجية تجعل العقل يفتح كل الملفات من نفس النوع مما يسبب نتائج أيضاً من نفس النوع قال صلى الله عليه وسلم : " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " وصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه "
والتفكير السلبي يجعل لغة الشخص سلبية فتجده دائم الشكوى وذلك لايشجع الإيجابيين على التعامل معه لأن الشخص الإيجابي يفكر في الحل وفي التقدم والنمو بينما الشخص السلبي يركز على المشكلة ويبتعد عن أهدافه ويجذب إليه أناس من نفس نوعه !
وهناك عوامل آخرى كقوة الإعلام وكيف أنها تكون من أهم عوامل التشاؤم والتفكير السلبي بسبب تركيزها على السلبيات والتحديات وذلك كي تجذب إليها المشاهدين .
فكن حريصاً كل الحرص قبل أن تفكر في فكرة سلبية لأنها ستتراكم وتتسع وتنتشر بقوة حتى تصبح عادة تمنعك من تحقيق أهدافك وتسبب لك تحديات لاحصر لها والأهم أنها تقوي الذات السفلى
التي تعتبر من أقوى تحديات الإنسان في حياته فهي ذات سلبية إلى أبعد الحدود الدنيوية تركيزها على المتعة والرغبات ومن أهم عملها البغي والظلم وأن تكون صائبة مهما كانت الظروف حتى ولو كان الشخص مخطئاً وهي ذات متكبرة أنانية لاترى إلا المصلحة الشخصية والاستغلال والمكسب المادي دون المبالاة بمصلحه الآخرين وهي التي تخاصم وتكره وتحقد وتحسد وهي التي تغضب وتصيح وتنافس وتسبب الخوف والقلق والضياع والضغوط النفسية وهي التي تتصرف بطريقة شريرة تجعله يزني ويسرق وينصب ويغش ويغتاب ويسبب القطيعة والشحناء فلو وجدت أي إنسان يتكلم بطريقة سلبية عن إنسان آخر فهو يستخدم ذاته السفلى وإن لم تلاحظ وتدرك ذلك سوف يسبب لك أن تفكر أنت أيضاً بذاتك السفلى لذلك ينهى الله تعالى عن البقاء مع الخائضين والجلوس معهم " حتى يخوضوا في حديث غيره " إنكم إذن مثلهم " ألم تكن أرض الله واسعه فتهاجروا فيها " كل هذا حتى يفر المرء بذاته العليا النورانية " وصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولاتعدوا عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا "
وفي الختام من المحتمل أن لاتستطيع التحكم في الظروف ولكنك تستطيع التحكم في أفكارك فالتفكير الإيجابي يؤدي إلى الفعل الإيجابي والنتائج الإيجابية .
فالحياة التي تعيشها الآن ليست إلا انعكاس من أفكارك وقراراتك واختياراتك سواء كنت مدركاً لذلك أم لا ولو أخذت المسئولية تكون قد بدأت الطريق إلى التغيير والتقدم والنمو .
فهناك دورة ذهنية تبدأ بالإدراك والإدراك يسبب التفكير في المعنى والمعنى يسبب التركيز والتركيز يسبب الأحاسيس والأحاسيس تسبب السلوك لذلك عندما تتحكم في جذور السلوك وهو الإدراك تجعل الدورة الذهنية بأكملها تعمل لصالحك لن التفكير والتركيز والأحاسيس ستكون إيجابية وبالتالي يكون السلوك إيجابيا .
فعليك أن تراقب ألفاظك " الكلمة الطيبة صدقة " فهي تجذب إليك الأفكار والأحداث بقوة الجذب وتحدث في النفس الإدراك الذي يولد التركيز والأحاسيس ومن ثم السلوك لذا حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على الفأل الحسن " كان يعجبه الفأل " ويأمر بقول الخير " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فل يقل خيراً أو ليصمت " ..................
فلو غيرت إدراكك لمعنى مشكلة ما وفكرت فيها على أنها هدية من الله سبحانه وتعالى وأنه عزوجل قال في كتابه " فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا " وفكرت في الحل وركزت على الاحتمالات والإمكانات ستجد أن باب الأمل يفتح أمامك ولذلك لاتدع إدراكك لأي تحد يؤثر عليك لأن هذا الإدراك ليس إلا برمجة سابقة من الممكن أن تكون خاطئة فغير إدراكك تغير حياتك لأن المشكلة والمعاناة تتواجد فقط في الإدراك .
فلكي يكون التغيير متكاملاً يجب أن يبدأ الإنسان من الداخل فمهما كانت المساعدات الخارجية قوية وفعاله فلن تساعدك إلا إذا ساعدت أنت نفسك وذلك بالرجوع إلى الله تعالى ثم بتغيير معنى الإدراك الموجود في الملفات الداخلية وهنا يكون التغيير شاملاً فعندما تغير إدراكك تغير معنى الأشياء بالنسبة لك وتغير الملفات الداخلية وتغير حياتك " إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم "
لأن التغيير فعلاً إنما يكون من الداخل من الأفكار والملفات والصور الذاتية والتقدير الذاتي من القيم والاعتقادات الراسخة المخزنة في العقل الباطن كل ذلك داخلي وكذلك الأحاسيس والشعور والجذور كل ذلك سببه " الأفكار " لذلك إذا أردت فعلاً أن تغير حياتك للأفضل وعندك الرغبة في هذا التغيير وقررت أن تبدأ فابدأ من اليوم ولاحظ أفكارك وتحكم فيها وسترى بنفسك الفرق الكبير والتغيير الإيجابي الذي سوف يحدث في حياتك .
وهذا يدعمه قانون السببية فالبذور التي تزرعها تعطيك محصولاً من نفس النوع فلو زرعت بذور التفاح ستحصل بإذن الله على تفاح ولو زرعت بذور العنب ستحصل بإذن الله على عنب وهكذا مع الأفكار لو زرعت في ذهنك بذور التفكير السلبي فسيكون محصولك ونتائجك سلبية ولو زرعت في ذهنك بذور الحب والتسامح فسيكون محصولك من نفس النوع " وأن ليس للإنسان إلا ماسعى "
فأي فكرة تضعها في ذهنك ستتحول إلى التركيز ثم الأحاسيس ثم السلوك ثم النتائج من نفس النوع وسوف تستمر في الحصول على نفس النتائج ولن يحدث التغيير حتى تقرر قراراً قاطعاً بتغيير الجذور التي بدأتها وهي الأفكار كما قال الفيلسوف بلاتو " غير أفكارك تغير حياتك " والعالم الخارجي هو انعكاس لما يوجد في العالم الداخلي " فأي شيء تفكر فيه وتتوقعه وتربط به أحاسيسك ينجذب إليك من نفس النوع بقانون الجذب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق